من يمجد عيسى ؟ الإنجيل أم القرآن ؟
لا يكون المسلم مسلما إن لم يُؤمن بالمسيح عيسى عليه السلام. فكما أكد القرآن، يؤمن المسلم أن المسيح عيسى عليه السلام كَانَ أحد أعظم رسل اللهِ، وبأنه هو المسيح وأنّه أوتىَ الإنجيلَ، و أنّه ولدَ بشكل إعجازي بدون أب وأنه أحيا المَوتى بإذن اللهِ، وشفىَ الأعمى والأبرص بإذن الله.
جميع المسلمين يؤمنون بان عيسى عليه السلام كان أفضل وأتقى البشر على وجه الأرض في زمانه. لقد عظم القرآن عيسى عليه السلام ورفع قدره وذكره وأولاه من الثناء إلى الحدّ الذي يجعل عيون المسلمين تَجْري بالدموعِ وتمتلئ قلوبهم حباً ووجداً عندما يتلون آيات القرآنِ التي تَتحدّثُ عنه وعن أمه مريم.
حقا إن هذه المشاعر لتبلغ من قلوبهم مبلغا يجعلهم لا يذكرون اسمه إلا قالوا " عليه السلام " ويجعلهم يسمّونَ أبناءهم باسمه ويسمون بناتهم باسم أمّه مريم التي أكد القرآن أنها كَانت أفضل نساء الأرض وأكثرهن استقامة:
"وَإِذ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ" (آل عمران: 42)
وفي القرآن كله لا يوجد آية واحدة تَنْسبُ أيّ سلوك غير سوي إلى نبي الله عيسى عليه السلام. وعلى النقيض من ذلك :
- الإنجيل المحرف يتهم عيسى عليه السلام بالعنصرية المقيتة وبأنه لم يأت ليحمل السَّلامَ إلى العالَمِ بل ليشعل النار في الأرض !
- الإنجيل المحرف يتهم عيسى عليه السلام بانه شجع أتباعه على كره آبائهم وأمهاتهم !
- الإنجيل المحرف يتهم عيسى عليه السلام بأنه صُـلب ولـُُعن
- الإنجيل المحرف يتهم عيسى عليه السلام بسوء الخـُلق والغلظة مع أمه ومع أتباعه ومع الناس.
----------------------
(1) هَلْ صُلب نبي الله عيسى عليه السلام ولـُعن؟
ما يقوله الإنجيل:
والمَسيحُ حَرَّرَنا مِنْ لَعنَةِ الشَّريعَةِ بأنْ صارَ لَعنةً مِنْ أجلِنا، فالكِتابُ يَقولُ: ((مَلعونٌ كُلُّ مَنْ ماتَ مُعَلَّقًا على خشَبَةٍ)). (غلاطية 3: 13)
ما يقوله القرآن:
إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (آل عمران : 45)
وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا. بَل رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (النساء: 157-15
يقُولُ الإنجيل بأنّ نبي الله عيسى عليه السلام قد صُلِبَ ليدفَعََ غضب الله على ذنوبِ المؤمنين وبالتالي فقد لـُعِنَ. و على العكس، يَعتقدُ المسلمون، تصديقا للقرآنِ، بأنّه لم يصلب ولم يلَعن و لكن رُفِع وكُرِّمَ وكان وجيها في هذه الحياة الدنيا وفي الآخرة.
----------------------
(2) هل كان عيسى عليه السلام عاقاً بأمه مريم ؟
مايقوله الإنجيل:
وَلَمَّا فَرَغَتِ الْخَمْرُ، قَالَتْ أُمُّ يَسُوعَ لَهُ: ((لَيْسَ لَهُمْ خَمْرٌ)). قَالَ لَهَا يَسُوعُ: ((مَا لِي وَلَكِ يَا امْرَأَةُ! لَمْ تَأْتِ سَاعَتِي بَعْدُ)).
(يوحنا 2: 3-4)
فقالَ لَه أحَدُ الحاضِرينَ: ((أُمُّكَ وإخوتُكَ واقفونَ في خارجِ الدّارِ يُريدونَ أنْ يُكلِّموكَ)). فأجابَهُ يَسوعُ: ((مَنْ هيَ أُمّي، ومَنْ هُمْ إخْوَتي؟)) وأشارَ بـيدِهِ إلى تلاميذِهِ وقالَ: ((هؤُلاءِ هُمْ أُمّي وإخوَتي. (متى 12: 47-49)
مايقوله القرآن:
قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا. وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا. وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا. وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا. ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (مريم: 30-34)
يُؤكّدُ القرآنَ بأنّ نبي الله عيسى عليه السلام كَانَ رحيما وباراً بأمِّه.
لا يصدق المسلمون أبدا ما يزعمه الإنجيل المحرف بأن نبي الله عيسى عليه السلام كان ينادى أمَّه باسم' يا امرأة! ' وبأنّه أهملَها وقلل من شأنها عندما أرادتْ الكَلام معه.
لقد أَمرناَ الله بأنّ نَكُونَ رحماء بأمهاتِنا حتى و إن كن على غير ملة الإسلام:
قال الله في القرآن:
"وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ . وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ". (لقمان: 14 – 15)
فإذا كان الأمر كذلك، فكيف نصدق أن نبي الله عيسى عليه السلام تَصرّفَ بهذه الطريقة مع أمِّه مريم التي كَانت أفضل وأطهر نساء الأرض :
قال الله في القرآن "وَإِذ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ" (آل عمران: 42)
----------------------
(3) هل كان عيسى عليه السلام عنصريا وفظاً غليظ القلب مع الناسِ
ما يقوله الإنجيل:
فاَلتَفَتَ (عيسى) وقالَ لبُطرُسَ: ((اَبتَعِدْ عنّي يا شَيطانُ! أنتَ عَقَبَةٌ في طريقي، لأنَّ أفكارَكَ هذِهِ أفكارُ البَشرِ لا أفكارُ اللهِ)). (متى 16: 23)
فأَقبلَتْ إلَيهِ اَمرأةٌ كَنْعانِـيّةٌ مِنْ تِلكَ البلادِ وصاحَتْ: ((اَرْحَمني، يا سيِّدي، يا اَبن داودَ! اَبنتي فيها شَيطانٌ، ويُعذِّبُها كثيرًا)). فما أجابَها يَسوعُ بكَلِمَةٍ. فَدنا تلاميذُهُ وتَوَسَّلوا إلَيهِ بقولِهِم: ((اَصرِفْها عنَّا، لأنَّها تَتبَعُنا بِصياحِها! )) فأجابَهُم يَسوعُ: ((ما أرسلَني اللهُ إلاَّ إلى الخِرافِ الضّالَّةِ مِنْ بَني إِسرائيلَ)). ولكنَّ المرأةَ جاءَتْ فسَجَدَتْ لَه وقالَت: ((ساعِدْني، يا سيِّدي! )) فأجابَها: ((لا يَجوزُ أنْ يُؤخذَ خُبزُ البَنينَ ويُرمى إلى الكِلابِ)). فقالَت لَه المَرأةُ: ((نَعم، يا سيَّدي! حتّى الكلابُ تأكُلُ مِنَ الفُتاتِ الّذي يَتَساقَطُ عَنْ موائدِ أصحابِها)). (متى 15: 22-27)
أمَّا أعدائي الّذينَ لا يُريدونَ أنْ أملِكَ علَيهِم، فَجيئوا بِهِم إلى هُنا واَقتُلوهُم أمامي)). (لوقا 19: 27)
ما يقوله القرآن:
وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئتكُم بِالْحِكمَةِ وَلأبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ الَذِي تَختَلِفونَ فِيهِ فَاتَّقوا اللَهَ وأَطِيعُونِ (الزخرف : 63)
قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا. وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا. وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلنِي جَبَّارًا شَقِيًّا. (مريم : 30 – 32)
بحسبِ ما وردَ في الإنجيلِ، اعتادَ نبيُ اللهِ عيسى عليه السلام إهانة الناس وسبهم ولم يسلم من ذلك حتى أتباعه، حتى أن الإنجيل يزعم أنهُ قال إنّ الكنعانيين بمثابة كلاب لبني إسرائيل.
وعلى النقيض من ذلك، يُشيرُ القرآنُ إلى أنّ نبي الله عيسى عليه السلام لم يكن جبارا بل كَانَ رحيماَ وحكيماَ في سلوكِه مع الناسِ.
----------------------
(4) رسالة نبي الله عيسى عليه السلام:
ما يقوله الإنجيل:
[قال عيسى:]
((لا تَظُنُّوا أنِّي جِئتُ لأحمِلَ السَّلامَ إلى العالَمِ، ما جِئتُ لأحْمِلَ سَلامًا بَلْ سَيفًا. جِئتُ لأُفرِّقَ بَينَ الاَبنِ وأبـيهِ، والبِنتِ وأمِّها، والكنَّةِ وحماتِها. (متى 10: 34-35)
[قال عيسى:]
((جِئْتُ لألقِـيَ نارًا على الأرضِ، وكم أتَمنَّى أن تكونَ اَشتَعَلَت! (لوقا 12: 49)
[قال عيسى:]
((إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَيَّ وَلاَ يُبْغِضُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَامْرَأَتَهُ وَأَوْلاَدَهُ وَإِخْوَتَهُ وَأَخَوَاتِهِ ، حَتَّى نَفْسَهُ أَيْضاً ، فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذاً. (لوقا 14: 26)
ما يقوله القرآن:
وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ (المائدة : 46)
ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً .. (الحديد : 27)
يقول القرآنِ الكريم أنَّ نبي الله عيسى عليه السلام أُرسِلَ نورا و هدايةً لبنى إسرائيل، فقد جاءَ لنشر السلامِ و إخماد نار الفتنة في الأرض لا إشعالها، ولَمْ يُشجّعْ أتباعه على بغض آبائِهم وأمهاتِهم، بل أَمرَهُم بالرحمةِ و البر بهم. وقد التزم حواريوه بتعاليمه إلى حدّ أَنَّ الله شرّفَهم بالثناء عليهم في القرآنِ الكريم لشفقتِهم ورحمتِهم.
(5) نسب نبي الله عيسى عليه السلام:
ما يقوله الإنجيل:
كِتَابُ مِيلاَدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِ دَاوُدَ ابْنِ إِبْراهِيمَ. (متى 1:1)
وَلَمَّا ابْتَدَأَ يَسُوعُ كَانَ لَهُ نَحْوُ ثَلاَثِينَ سَنَةً ، وَهُوَ عَلَى مَا كَانَ يُظَنُّ ابْنَ يُوسُفَ ، بْنِ هَالِي، (لوقا 3: 23)
اُذْكُرْ يَسُوعَ الْمَسِيحَ الْمُقَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ مِنْ نَسْلِ دَاوُدَ بِحَسَبِ إِنْجِيلِي، (2 تم 2:
ما يقوله القرآن:
قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاء إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ.وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ. وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (آل عمران : 47-49)
بالرغم من أن بَعْض النصوص في الإنجيل تقول بأنّ نبي الله عيسى عليه السلام قد ولد بشكل إعجازي مِنْ الروحِ القدس، تَقُولُ العديد مِنْ النصوص الأخرى بأنّ نبي الله عيسى عليه السلام هو إبنُ يوسف وبأنّه أنحدر مِنْ النبي داوود سليل بيريز الذي ولدَ مِنْ زنا المحارم بين يهوذا و تامار، زوجة ولده.
و على الجانب الآخر، يُؤكّدُ القرآن بأنّ نبي الله عيسى عليه السلام ولدَ بشكل إعجازي بدون أب. فنبي الله عيسى عليه السلام لَيْسَ لهُ نسب. فلا هو إبنَ يوسف ولا إبنُ داوود، بل هو ابنُ مريم.